ضوابط التعامل بالنقد الأجنبي وحماية حقوق الأفراد
ان جريمة التعامل بالنقد الأجنبي هي من الجرائم العمدية التي لم يستلزم القانون لها قصداً خاصاً، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل؛
وإذ كانت مسألة جواز حيازة النقد الأجنبي وتجريم الاتجار به من القضايا ذات الأهمية القصوى في إطار التشريعات الاقتصادية والمالية؛ تناول قانون البنك المركزي المصري العديد من الضوابط والمعايير التي تحدد كيفية التعامل مع النقد الأجنبي، بما في ذلك شروط الحيازة والتداول.في هذه المقالة، نركز على استعراض الضوابط المتعلقة بحيازة وتداول النقد الأجنبي، والتفاصيل القانونية المتعلقة بتجريم الاتجار فيه، وضوابط الإجراءات القانونية الواجب اتباعها لضمان تحقيق العدالة.
مناط جواز حيازة النقد الاجنبي وتجريم الاتجار فيه
الحيازة:
كفل قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020
بموجب نص المادة 212 حق كل مواطن في الاحتفاظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي، مبيحاً تداول النقد الأجنبي وتحويله لداخل البلاد او خارجها شريطة ان يتم ذلك التعامل من خلال البنوك المعتمدة والجهات المرخص لها بذلك.
الاتجار:
بمجرد وقوع تداول للنقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة والجهات المرخص لها تتحقق جريمة الاتجار النقد الأجنبي والمعاقب عليها بموجب نص المادة 233 من قانون البنك المركزي، بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات ولا تقل عن 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 5 ملايين جنيه مه مصادرة العملات.
شروط قانونية لصحة الإدانة في جرائم تداول النقد الأجنبي
اشترط قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020 -بالمادة 238 -نصاً خاص بشأن جرائم تداول النقد الأجنبي، في غير حالات التلبس، بعدم اجازة رفع دعوى جنائية او التحقيق مع مرتكبي جرائم النقد الأجنبي إلا بناء على طلب كتابي من المحافظ ومخالفة هذا النص من شأنه بطلان كافة الإجراءات وما لحقها من نتائج.
ويشترط لصحة الإدانة في جريمة تداول النقد الأجنبي توفر حالة من حالات التلبس، او ضبط الجريمة بموجب اذن قضائي من النيابة بضبط وتفتيش شخص المتهم مستوفياً كافة شرائطه القانونية، وعلى كل الأحوال لا يكفي ثبوت ارتكاب الجريمة مجرد تضمن هاتف شخص المتهم لرسائل نصية او صوتية حول النقد الأجنبي او توافر صورا للنقد الأجنبي به بل يلزم لتحقق الجريمة وقوعها المحقق بأدلة يقينية لا تحتمل التأويل.
ونشير هنا الى احد القضايا التي باشرها مكتبنا، حيث كانت النيابة العامة قد قدمت المتهم (س،ج) للمحاكمة الجنائية امام محكمة الجنايات بتهمة التعامل بالنقد الأجنبي خارج نطاق البنوك المعتمدة او الجهات المرخص لها وطلب معاقبته بمواد الاتهام (233) من قانون البنك المركزي على سند مما قرره ضابط الواقعة في محضر ضبط المؤرخ 31/8/2023 من انه ضبط المتهم واخرين حال قيامهم بنشاط تحويل الأموال من والى خارج البلاد مقابل نسبة عمولة قدرها 2.3؛..وقضت محكمة اول درجة بإدانة المتهم بالحبس والغرامة والمصادرة.
طعن ماهر ميلاد إسكندر المحامي عن المتهم (س، ج) على الحكم امام محكمة استئناف الجنايات؛ تأسيسا على بطلان القبض والتفتيش لعدم وجود حالة من حالات التلبس وحصوله بدون اذن النيابة العامة ، وبطلان التحقيق لمخالفة المادة 34 ،36 إجراءات جنائية وبطلان امر الإحالة لمخالفته المادة 238 من قانون البنك المركزي وعدم توافر اركان الجرائم المسندة للمتهم وعدم معقولية الواقعة وان الصورة الحقيقية للواقعة انه قد تم ضبط المتهم في شركته قبل تحرير محضر الضبط المزعوم بثلاثة أيام مؤيداً دفاعه بالتلغرافات المؤرخة 28/8/2023 التي وجهت للجهات المعنية بالقبض على المتهم وتفتيش مكتبه والحصول على أموال من خزينة شركته مما يؤكد انه في تاريخ محضر الضبط 31/8/2023 لم تكن هناك الواقعة التي ضبطها الضابط او المبلغ المزعوم.
قضت محكمة استئناف الجنايات بالبراءة؛ وقالت في أسباب ذلك انها وهى بصدد تقدير حقيقة الواقع في الدعوى لا تطمئن لتوافر حالة التلبس بالجريمة التي حاول محرر المحضر اختلاقها لاضفاء المشروعية على ما قام به من إجراءات باطلة وان الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة ومن تقديرها لأدلة الثبوت حدا بها الى عدم الاطمئنان لصحة نسب الفعل الى المتهم والاعتداد بأنكاره وما ابدا من دفاع.
الختام
يعد الالتزام بضوابط حيازة وتداول النقد الأجنبي وفقًا لقانون البنك المركزي أمرًا جوهريًا لضمان تحقيق العدالة. تبرز أهمية التقيد بالإجراءات القانونية لضمان صحة الإدانة ومنع التجاوزات.
للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على info@eg.andersen.com